25 Dec
25Dec

فلتجعل نسل داود عبدك يزدهر سريعًا، ودعه يتمجد بقدرتك المخلِّصة،

فنحن ننتظر طوال اليوم خلاصك،

مبارك أنت أيها الرب ، الذي يجعل الخلاص يُشرق

على بيت داود الملك 

البركة الخامسة عشر من خدمة المجمع اليهودي (Amidah)


وَكَانَ رَجُلٌ فِي أُورُشَلِيمَ اسْمُهُ سِمْعَانُ كَانَ بَارًّا تَقِيًّا يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ. أَتَى بِالرُّوحِ إِلَى الْهَيْكَلِ. وَعِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ لِيَصْنَعَا لَهُ حَسَبَ عَادَةِ النَّامُوسِ أَخَذَهُ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَبَارَكَ اللهَ وَقَالَ: «الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ Goyim وَمَجدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ».

وَكَانَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ. وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ: «هَا إِنَّ هَذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ. وَأَنْتِ أيضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ».

وَكَانَتْ نَبِيَّةٌ حَنَّةُ بِنْتُ فَنُوئِيلَ مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ وَهِيَ مُتَقّدِّمَةٌ فِي أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ قَدْ عَاشَتْ مَعَ زَوْجٍ سَبْعَ سِنِينَ بَعْدَ بُكُورِيَّتِهَا. وَهِيَ أَرْمَلَةٌ نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطِلْبَاتٍ لَيْلاً وَنَهَارًا. فَهِيَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَقَفَتْ تُسَبِّحُ الرَّبَّ وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا أَكْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ نَامُوسِ الرَّبِّ رَجَعُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى مَدِينَتِهِمُ النَّاصِرَةِ. وَكَانَ الصَّبِيُّ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ مُمْتَلِئًا حِكْمَةً وَكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.“

(لوقا 2: 25-40)


الشمس المشرقة ألقت وهجها المتورد على الأسوار الشرقية للمدينة المقدسة. فظللت الأسوار العتيقة على حاجّيْن، رجل وفتاة يافعة، وكانا يمشيان بتثاقل في المنحدر الغربي لوادي قدرون، وقد انحنيا ماريْن من خلال بوابة سلوام Ashpot gate الكائنة في الزاوية الجنوبية الشرقية من المدينة، التي امتلأت شوارعها المتربة بالتّجّار، والباعة الجائلين يعرضون بضائعهم من التين المجفّف، والسمك المملّح، والزيتون الطازج، وأرغفة من الخبز بحجم قبضة اليد.

عندما وصلا إلى ديارات الهيكل، سلَّمَتْ مريم حزمة الحياة المقمّطة إلى زوجها وانسلّت هي من خلال بوابة دار النساء حيث يوجد ثلاثة عشر صندوقًا برونزيًا. ووضعت الفتاة النحيفة حفنة من النقود – قيمة زوج من اليمام – فحدثت خشخشة خفيفة في الفتحة التي تشبه البوق في الصندوق الثالث.

تحركت مريم من أمام الصناديق صاعدة الدرجات إلى دار إسرائيل، وقد أحدقت بنظرها من خلال باب الجميل في الهيكل وأُخذت بجمال الأبواب الهائلة الضخامة، والأعمدة الرخامية، والمذبح الحجري العظيم. وتتبعت عيناها الأعمدة الثلجية البياض وسُحُب الدخان المتصاعدة حتى بدت وكأنها تَتحد مع السماء العليا.

كما تذكرت مريم كلمات الملاك المتشح بثياب بيضاء عن المولود منها: ˮأنه سيكون عظيمًا، ويدعى ابن الله العلي“، وكررت الكلمات المعهودة في الـAmidah : ˮ فلتجعل نسل داود عبدك يزدهر سريعًا، ودعه يتمجد بقدرتك المخلِّصة، فنحن ننتظر طوال اليوم خلاصك.“ وبمجرد أن تعلَّم طفلها الكلام، تعلَّم أيضًا الصلاة من أجل خلاص إسرائيل. هذا الطفل – بحسب فهمها لكلمات الملاك - سيكون ˮخلاص إسرائيل“.

وقف أحد الكهنة أمام قفص خشبي وأمسك بيمامة من عنقها، وقد رفرفت بجناحيها بعنف، وتحول هدلها اللطيف إلى تغريد هائج. اهتزت يدي الكاهن فجأة، وانكسر عنق اليمامة، وتردد الصوت في أنحاء دار الكهنة.

أجفلت مريم عينيها بينما رُش الدم الدافئ على قرن المذبح وجرى إلى قاعدته. وكانت اليمامة تقدُمتَها كذبيحة خطية ..

قطع كاهن آخر رأس اليمامة الأخرى وقذف بها على كتلة من الخشب المشتعل أعلى المذبح، وقد تقطر الدم بشكل غير مستوي إلى أسفل على جانب المذبح، كما نزع الكاهن أحشاء الطائر وقذف بها على كومة الرماد، وألقى ما تبقى من اليمامة داخل النار المتقدة على المذبح،[1] وبذلك قد انتهت ذبيحة تطهير مريم. والآن، قد حان الوقت لفداء المولود الذكر الأول pidyon ha’ben.

 

عندما استدارت مريم رأت بجانبها يوسف، والكاهن الذي وقف معه كان عجوزًا جدًا ذو لحية بيضاء وعيناه بدتا وكأنهما تحدقان في ما وراء ديارات الهيكل، وابتسم لهما قائلاً ببساطة: ˮأنا سمعان“. رفع يوسف، الطفل، وقال: ˮهذا المولود هو ابني البِكْر، بِكْر أمه، وقد أوصانا القدوس أن نفتديه كما هو مكتوب: ˮقَدِّسْ لِي كُلَّ بِكْرٍ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ. إِنَّهُ لِي“. وˮكُلُّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ كُلِّ جَسَدٍ يُقَدِّمُونَهُ لِلرَّبِّ مِنَ النَّاسِ وَمِنَ البَهَائِمِ يَكُونُ لكَ. غَيْرَ أَنَّكَ تَقْبَلُ فِدَاءَ بِكْرِ الإِنْسَانِ.“ ( خر 13: 2، عد 18: 15-16 ).

 

احتضن سمعان الطفل بين ذراعيه المرتعشتين وسأل: ˮهل ستعطيني بِكْرك، بِكْر أمه، أم ستعطيني فدائه خمسة شواقل من الفضة؟“، أجاب يوسف وهو يسحب كيس النقود الجلدي من المنطقة: ˮأريد فداء ابني، وها هي شواقل الفضة لفدائه“. أمسك سمعان بكيس النقود فوق رأس الطفل ونظر إلى أعلى وقال: ˮهذا بدلاً من ذاك، الفضة بدلاً من الطفل، هذا عوضًا عنه، هذا غفرانًا له، ليدخل هذا الطفل إلى الحياة، وإلى التوراة، وإلى خشية السماء“. إلى هنا انتهى طقس ليتورجية صلوات فداء الابن البكر.[2] إلاّ أن سمعان واصل بصوت متوهج بفرح خالص:  ˮمبارك هو الرب إلهنا، ملك الكون! الآن، تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ، نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ وَمَجدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ!“ (لو2: 29-32).

 

وقفت مريم ويوسف صامتين، ولم يستطيعا أن يهربا من كلمات سمعان: هذا المولود ... هو المسيا؟، إعلان الله الحي؟، وقبل أن يجيب الزوجان المصعوقان، وضع سمعان يديه على جبهة الطفل ومنحهما البركة القديمة قائلاً: ˮيُبَارِكُكما الرَّبُّ وَيَحْرُسُكما. يُضِيءُ الرَّبُّ بِوَجْهِهِ عَليْكما وَيَرْحَمُكما. يَرْفَعُ الرَّبُّ وَجْهَهُ عَليْكما وَيَمْنَحُكما سَلامًا.“ (عد6: 24-25).

 

فجأة، اجتاز وجه سمعان ظل وغارت عيناه وهو ينظر إلى عيني الفتاة الواسعة التي ولدت هذا المولود، وقال: ˮهَا إِنَّ هَذَا الطِفْل قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ.“ استطرد وشفتاه ترتجفان؛ ˮوَأَنْتِ أيضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ“ (لو2: 34-35).

 

حدق سمعان متعجبًا للمرة الأخيرة في عيني الطفل الدامعتين وسلّم الطفل إلى يوسف. مشيا مريم ويوسف صامتين ونزلا الدرجات التي تقود من باب الجميل وإلى دار النساء، وبالرغم من الزحام الذي كان يحيط بهما فقد شعرا وحدهما بالبرد.

 

صرخة غير متوقعة شدّت انتباه الزوجين وأخرجتهما من تلك النشوة الحائرة، فقد كانت امرأة عجوز تتحرك بخفة كعروس صغيرة رغم إنها مستندة على عصاها وتصيح بفرح قائلة: ˮيا كل المنتظرين بلهفة فداء أورشليم، اسمعوني! مبارك أنت أيها الرب، لأنك أشرقت بوجهك على شعبك وخلصتهم“، وكانت تكرر هذا الكلام بابتهاج مرارًا.

 

انشق الزحام المحيط بالمرأة العجوز كانشقاق البحر الأحمر وتوجهت هي مباشرة نحو مريم ويوسف ولوحت بإصبعها العَظْمي نحو اللَّفة التي ضَمَّها يوسف إلى صدره وصاحت قائلة: ˮيا كلَّ المنتظرين بلهفة فداء أورشليم، اسمعوني“، ثم أكملت بصوت مرتجف: ˮهذا الطفل، هذا الطفل، هو فداء أورشليم.“

 

بالتأكيد، بدت كلمات المرأة العجوز كالجنون - فداء أورشليم ملفوف بأقماط؟ لم تعرف مريم ماذا تفعل، أتضحك على غرابة الموقف، أم تبكي من أجل السيف الذي سينغرس في قلبها؟.

 

من كان سيصدق أن فتاة قدمها الأول ما زال في المراهقة والآخر ستخطو حالاً في الأمومة بدون أن تضع أيهما في فراش رجلٍ! من كان يستطيع أن يتوقع؟، ˮأن جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!“ (1كو1: 25)، هذا بالضبط ما أدركه سمعان وحَنّة عندما وصلت مريم إلى الهيكل وقدمت ذبيحة تطهيرها.

لعقودٍ، انتظر سمعان وحنة بترقُّب وَلي عهد إسرائيل ليروه يتجول في ديارات الهيكل. كل سبت ، كانا يرفعان وجهاهما نحو السماء ويرددان صلاة مألوفة لهما.[3] ولأنها تُصلّى وقوفًا، صارت معروفة باسم الـ Amidah (حرفيًا، القيام والوقوف). الأسطر الأخيرة من الـ Amidah تشمل صلاة التوقع - صلاة يُطْلَب فيها من الله أن يؤسس المملكة المسيانية - ˮفلتجعل نسل داود عبدك يزدهر سريعًا، ودعه يتمجد بقدرتك المخلِّصة، فنحن ننتظر طوال اليوم خلاصك، مبارك أنت أيها الرب ، الذي يجعل الخلاص يُشرق.“[4]

 

وقد توسَّع رابي لاحق في توقع المسيا قائلاً: ˮإذا ظهر ملك من بيت داود متعلم التوراة ، وملتزم بكل وصايا التوراة كما هي موصوفة في الناموس المكتوب والناموس الشفهي، وكان داود أباه، ويُخضع كل إسرائيل إلى السلوك في طريق التوراة ويصلح كل تعدياتهم في شعائر التوراة، ويخوض حروب الربّ، بكل تأكيد سنعتبره المسيا.“[5]

 

تصف صلاة غامضة من مخطوطات البحر الميت التوقعات عن العصر المسياني بأكثر وضوح: ˮمبارك أنت أيها الرب ، لأنك ستجعل الشرير يكون فديةً لنا، وعديم الإيمان يكون فداء لنا، وستبيد كلّ مضطهدينا، ولذلك سنمجّد اسمك إلى الأبد.“[6]

 

إنّ توقعات الناس عن المسيا كانت واضحة: سيكون من نسل داود الملك، وسيؤسس مملكته من خلال السلطة السياسيَّة والقوة العسكرية. وبقدر ما نعرف، هذا هو نوع المسيا الذي توقعه سمعان وحنة أيضًا. وبدلاً من ذلك وجدا طفلاً مقمطًا يشبه أي طفل رضيع رأياه من قبل.

 

ربما يكون هذا الرضيع من بيت داود، ولكنه لم يتمتع بالثروة الملكية؛ فأمه قدّمت ذبيحتها من الطيور الزهيدة الثمن، بدلاً من أن تُقَدِّم خروفًا! أما فيما يتعلق بإبادة مضطهدي إسرائيل، لم يُجَهِّز الطفل حسنًا، فلم يحوز حصانًا قويًا، بل كان صغيرًا جدًا عن أن يلبس درعًا، والسيف الوحيد الذي سيعلنه هو ذات السيف الذي سيجرحه وأيضًا يُغْرَس في قلب أمه.

 

ورغم كل ذلك، تعَرَّف كل من سمعان وحَنَّة على هذا الطفل إنه المسيا. وقد أعلنت حَنَّة هذا عندما قالت: ˮهذا هو فداء أورشليم“- الذي سينهي عبودية إسرائيل.[7] ولقرونٍ، كانت الصلوات من أجل المسيا تدور حول الحكام المَلَكيّين والثورات. وفي وسط تلك التصورات، قال سمعان صلاة توقع أخرى؛ صلاة تدور حول استعلان الله في  المكان الأقل احتمالا على الإطلاق، في جسد رقيق لطفل رضيع ابن لقروي: ˮعَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ . نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ وَمَجدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ“.

 

ˮالنور“ وˮالخلاص“، هذه هي الكلمات التي دعا بها سمعان هذا الطفل الرضيع. تلك الكلمات أشارت إلى هذا الطفل أنه المسيا (انظر إش52: 10-13، 62: 11)، ولكنها أيضًا أعطته علامة كشيء أعظم، إذ إنه منذ قرون سابقة كتب منشد المزامير ˮالرب نوري وخلاصي“ والأنبياء كرروا ˮالرب خلاصي“ و ˮإذا جلست في الظلمة، فالرب نور لي“ (مز27: 1، إش12: 2، مي7: 8). سمعان لم يره في بهاء مجده ولم يسمع أصوات سماوية، ولكنه بحث في وجه هذا الطفل وقد عرف بطريقة ما أن الذي كان يمسكه بين يديه هو ˮفادي إسرائيل“، لقد كان متأكدًا جدًا من هوية هذا الطفل الرضيع لدرجة أنه استطاع أن يهمس إلى الله ˮاطلق عبدك بسلام.“

 

بطريقة ما، لم تستطع تلك القماطة التي لا تُصدق التي تحتوي على جسد هذا الرضيع أن تخفي المجد غير الموصوف الذي لمحه سمعان في هذا الطفل، لقد تعرَّف سمعان على أن هذا الطفل كان ردًا على صلاة التوقع التي يصلِّيها: ˮفلتجعل نسل داود عبدك يزدهر سريعًا، ودعه يتمجد بقدرتك المخلِّصة.“

  

عندما شقّ مريم ويوسف طريقهما إلى أورشليم، كان الرياء والفساد يملك على ديارات الهيكل. فقد كان هيرودس الملك يُعَيِّن كبار الكهنة حسب نزواته الشخصية، مما جعل اليهود الآسينيين[8] مُحبَطين للغاية من الفساد لدرجة أنهم انعزلوا ساكنين صحراء شاسعة قريبة من البحر الميت. وشكَّل الغيُّورون[9] تحالفًا سياسيًا وحاولوا أن يُجبروا مجئ ملكوت الله من خلال العنف.

 

مازال سمعان وحنة لم يتخليا عن الوعد بإعلان حضور الله بين شعبه. فَبحَسَبْ ما كتب القديس لوقا البشير، لم يذهب سمعان إلى مكان الاجتماع مع شعب الله لأنه عمله فقط، بل ذهب لأنه ˮاُقْتِيد بالروح“. وحَنَّة النبية ˮلم تغادر الهيكل عابدة الليل والنهار بأصوام وصلوات“ (لو2: 27-38)، لماذا؟، لأنّ الكاهن المُنْهَك والنبية التي رآها البعض وكأنّها مختلة تَقَبَّلا الفكرة بأن الله مازال يعمل حتى في وسط الفساد المحيط بهم. ولذلك كانا قادرين أن ينظرا أبعد من القماط الذي لا يُصَدَقْ ويتعرَّفا على المسيا الإلهي.

 

لم يُصلِ كل من سمعان وحنة لمسيا الله فقط، بل توقعا تمامًا أن الله سيستجيب لصلواتهما، وكانا مستعدين لتلقي إجابة غير مطابقة تمامًا مع ما كانا يتوقعانه لفترة طويلة ..

 
  
 

[1] لا 1: 14 - 17؛ 5: 7 - 10. See Walter C. Kaiser, Jr., “Leviticus,” in New Interpreter’s Bible vol.  1 (Nashville: Abingdon‚ 1994)‚ 1013–14.

[2] هذا البناء لليتورجية فداء الابن البكر مُستمد من:  A.Z. Idelsohn‚ Jewish Liturgy and Its Development (New York: Schocken‚ 1962), 167–68‚ and A. Millgram‚ Jewish Worship (Philadelphia: Jewish 

[Publica􀆟on Society, 1971), 323–24.[3] يغلب الظن أنّ الشعب اليهودي في النصف الأول من القرن الأول وصل إلى أن يصلي الـAmidah يوميًا بدلاً من إسبوعيًا. ولكن أقدم إشارة إلى هذه الممارسة تعود إلى عام 80م. See the reference to Rabban Gamaliel II in M. Berakhoth 4:3. References to The Mishnah [Philadelphia: Jewish Publication Society] are indicated by “m.” followed by the tractate title‚ then section and verse 

[numbers.[4] ليست كل التنقيحات للـAmidah تنتهي بهذا الدعاء. ولكن حتى إن كانت صلاة التوقُّع هذه تعود إلى زمن ما بعد خدمة يسوع الأرضية، إلا أنها مازالت تعبّر عن الانتظار الضروري للمسيا الذي اتسم به إيمان يهود القرن الأول. [5] Moshe Ben-Maimon‚ Mishneh Torah, Sefer Shoftim‚ Hilchot Melachim U’Milchamoteihem‚ 11. 

[5] مع أن Moshe Ben-Maimon كان رابيًا في القرون الوسطى، إلا أن السطور المقتبَسة هنا تعكس توقعات اليهود المسيانية في وقت سابق. وقد قمت باستبعاد بعض السطور التي يوردها  Ben-Maimon والتي تبدو أنها رد فعل لخراب الهيكل سنة  70م، كما تشير إلى وجود أشخاص في المجتمع اليهودي قبلت يسوع على أنه المسيا.   

[6] أعيد بناؤها من قطعة من أحد مخطوطات البحر الميت

[1Q34:5:1 .   [7] اللغة المستخدمة هنا هي أصداء النبوات المسيانية في إش 52: 7 – 10   

[8] هم جماعة يهوديّة نشأت في القرن الثاني قبل الميلاد، وظلّت متواجدة حتى القرن الأوّل الميلادي، وقد كانت تحيا حياة مشتركة بمعزل عن الحياة في المجتمع اليهودي العام.   

[9] هي جماعة قوميّة كانت ترفض أن تحيا اليهوديّة تحت سلطان روما الوثني.   


ت. جونز

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.