كثيرًا ما يتم الزج باسم المدرسة في قضايا، ومن خلال أشخاص، ليست مسؤوله عنها بأي شكل من الأشكال، ومع كلّ هذا كانت المدرسة تؤثر الصمت من أجل السلام، وإن كان عبر ذبيحة تقدمها المدرسة حينما يشهر بها!!!
يجب أن نفرق بوضوح ما بين العاملين بالمدرسة (وهم وحدهم الذين يمثلون المدرسة رسميًّا)، وبين من ينشرون أو يترجمون بين الآن والآخر مع المدرسة، كما مع مؤسسات أخرى، وبين من يحضرون بعض لقاءات المدرسة بين الآن والآخر، كما يحضرون في أماكن أخرى، وبين من يكتبون بشكل فردي على صفحات التواصل الاجتماعي.
هناك انطباعًا تم تمريره للكثيرين أنّ كلّ من يكتب رأيًا مخالفًا هو عامل بمدرسة الإسكندريّة، وهذا رأيها ونهجها في تلك القضية من جهة المحتوى الموضوع للرأي ومن جهة آلية عرضه الحادّة والمتجاوزه أحيانًا.
وهنا علينا أن ننتبه لعدّة نقاط:
- لا تملك المدرسة وصاية من أي نوع على حريّة التعبير عن الرأي لدى كلّ شخص، فهو مسؤول إيمانيًّا وأخلاقيًّا عن مواقفه.
- لا تتبنّى المدرسة رأيًّا أو آلية تعبير عن الرأي إلاّ من خلال منبرها الرسمي؛ سواء موقعها، أو صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال منشوراتها الرسميّة، وما عدا ذلك هو مساحات الأشخاص الحرّة، وغير المعبِّرة عن المدرسة.
- يجب أن نفرق ما بين رأي المدرسة، والرأي الشخصي لكل شخص اسهم مع المدرسة في أمرٍ ما. إن كان كل من يكتب بالمدرسة هو المدرسة فهذا يعني أن كل الآباء الأساقفة والكهنة والباحثين الذين نشروا مقالات بالمدرسة هم المدرسة!
- وإن كان المحاضر في مكان هو المكان، هذا يعني أن كل محاضر في أي كنيسة أو أي مركز تعليمي هو الكنيسة والمركز التعليمي، وأن كل كاتب مع دار نشر هو دار النشر. لا يوجد هذا الأمر في أي مكان. هناك تعاون مع البعض في بعض النقاط ذات الاهتمام المشترك، وهو ما يكون موضع النشر أو التعليم فقط. لذا حينما نجد محاضر في مكان، هذا لا يعني أن كل أفكار المحاضر هي أفكار المكان، وأن كل رؤى المكان هي رؤية المحاضر.
- إن نشر مقال أو ترجمة كتاب مع مدرسة الإسكندريّة، لا يمنح المدرسة الوصاية على الشخص؛ الوصاية السابقة واللاّحقة! فقد يكون له رأي ما في موضوع ما يخالف التوجّه العام لدى المدرسة، ولكن هذا الرأي لم يعرض في المقال أو الكتاب المنشور مع المدرسة.
- لو حكمنا على كلّ مؤسسة أخلاقيًّا من خلال من يحضر فعاليتها، فإننا بهذا سنحاكم الاجتماعات التي تعمل على تشجيع الشباب الذين لديهم مشاكل أخلاقيّة ليحضروا ويكون لهم دور في بيتهم كنوع من العمل الشفائي. فما ينتج عنهم لا يعبر عن الكنيسة، ولكن احتضانهم، على قدر طاقتها، هو ما يجب أن يعبر عن الكنيسة.
- لا يمكن للمدرسة أن تمارس نوعًا من التفتيش الأخلاقي على كلّ شخص قبل أن تتعاون معه!!
- إن عبر أحد الباحثين عن ذاته بشكل ما في دوائره الخاصة أو على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصّة به، لا يعني هذا أن نشر عمل لهذا الباحث هو موافقة ضمنية على ما يقوم به في مساحاته الخاصة. لا يمكننا أن نجري تفتيشًا على الآخرين قبل أن ننشر لهم عملاً في مجال تخصصهم. فالتعاون يكون في موضوع محدَّد.
- ينطبق هذا الأمر بوضوح على المؤتمرات الخاصة بالقبطيات على سبيل المثال، والتي تجري في قلب الكنيسة، ويحاضر فيها محاضرين أجانب، وينشرون أعمالهم بعد ذلك في درويات تصدر من مؤسسات قبطية. هل يمكن أن نحاسب تلك المؤسسات على أخلاقيات أو رؤى أولئك المحاضرين أو الباحثين قبل نشر بحث في مجال تخصصهم، أو تقديم ورقة علمية في مؤتمر! لا يوجد مثل هذا الأمر في أي مكان بالعالم.
- ولكن ما تُسْئَل عنه المدرسة هم من يعملون بها سواء full time أو part time، أو أعضاء مجلس إدارتها، لأنّ أولئك جزء من الكيان الذي قَبِل الكود الأخلاقي (أخلاقيات الاختلاف) للعمل في المدرسة بشكل واضح وملزم ليكون جزءًا منها. وهناك من لم يتمكن من هذا الأمر، ولم يعد يعمل بها ليمارس حريته الشخصيّة في التعبير الفردي بحسب الكود الأخلاقي الخاص به هو، والمدرسة تحترم ذلك تمامًا وتتفهمه، ولكن العمل الجماعي له آليّة تقوم على المشاركة معًا، والالتزام معًا بالكود الأخلاقي للمدرسة.
- أخيرًا، ومجددًا، من يعمل بالمدرسة، ليس هو من قام بنشر كتاب أو مقال أو ترجمة مع المدرسة، ولكن من كان جزءًا من العاملين الفعليين بها. فبرجاء قبل أن يُنْسَب موقف شخصٍ ما للمدرسة، يجب أن نسأل هل يعمل بها أم لا!!
التمييز ضرورة حتى لا تختلط الأمور على الأذهان.